الخبز ، نعم الخبز ذلك القوت المصنوع من القمح كان وما زال الغذاء الأساسي لأغلب الشعوب عبر التاريخ الطويل للبشرية وكم من حروب خاضها الانسان قديماً وحديثاَ إما دفاعاً او من اجل الحصول على قوته وخبزه ففي الولايات المتحدة الامريكية واثناء الحرب الاهلية ظهرت جملة شهيرة للرئيس الأمريكي ابراهام لينكولن ( الخبز يعني الانتصار ) إشارة الى امتلاك الولايات الشمالية للخبز .
كان الخبز يتم في البيوت وبأشكاله المتعددة وتختلف طرق خبزه وتصنيعه باختلاف العادات والتقاليد والتأثر بالثقافات الأخرى وعلى الرغم من أن المخابز التجارية بشكلها البسيط وُجدت منذ عدة قرون خلت، إلا أن استخدام الآلات لم يظهر إلا في بدايات القرن الثامن عشر وذلك مع بدايات الثورة الصناعية وتدخل الحداثة والتطور في شتى مجالات الحياة إذ أدت الثورة الصناعية الى ظهور افضل أنواع المطاحن والتي أدت بدورها الى زيادة كميات الطحين وبالتالي تطور اليات انتاج الخبز وتدخل الالة لإنتاج هذا المنتج اليدوي .
في بادئ الأمر كانت التقنية تقتصر بشكل كبير على الدول الصناعية ، ومنذ ذلك الوقت، أخذت في الانتشار تدريجيًا بين الدول النامية، مع أنه، وإلى وقتنا الحاضر، فإن كثيرًا من الدول النامية وخاصة في إفريقيا وبعض قرى الدول العربية واسيا الوسطى إضافة الى تركيا مازال فيها الخبز يُعدَّ وبشكل واسع في البيوت وبأدوات بسيطة محافظين على نكهة الخبز الطبيعي الطازج بعيدا عن الآلات وضجيجها .
لقد بدأت المخابز الالية او ان صح التعبير بدأت الآلة تتدخل في صناعة الخبز لأول مرة في الغرب عام 1941 وذلك مع الاكتشافات التي حصلت حول الطحين والحبوب ، ففي عام 1942 قام احد الأمريكيين بإعداد الخبز وبكميات دون تدخل الانسان وذلك من خلال شركة سميت وقتها شركة ورد باكنج وهكذا بدأت تظهر الآلات التي تقوم بصناعة الخبز بطرقة حديثة .
اما في الدول لعربية فلم يكن الوضع مختلفاً كثيراً اذ كانت مدينة بغداد تستخدم الآلات بصناعة الخبز وكانت تختلف عن المدن الاوربية بأساليب الشوي ووسائل العجن والخميرة والتي بدورهم كانوا قد طوروها عن المصريين ، ففي بغداد وبعد أن بدأت كمدينة حديثة على أبو جعفر المنصور كانت أسواق بغداد فيها العديد من الافران التي يديرها فرّانون مختصين وكان الفرن إما حجرياً او من الطين أما النار فكان الحطب هو الوسيلة الوحيدة التي تؤمن النار للمخابز في ذلك الوقت واستمر ذلك الى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث دخل النفط ومشتقاته في عملية الشوي ومن بعدها الكهرباء في عملية العجن وهذا من أدى الى تطور الوسائل الأخرى لإنتاج الخبز الى أن وصلوا الى الآلات المتكاملة لصنع الخبز دون أن تمسها ايدي بكافة مراحله بداية من الحصاد في الحقول الى انتاج الطحين مرورا بطرق العجن والشواء وصولا الى انتاج الخبز وتسليمه بطرق الية ومتطورة .
في سوريا ولبنان ظهر الخبز المرقوق بالشكل الذي نعرفه الان وظل معظم الناس ولمئات السنين يتناولون الخبز المعد من الدقيق الأبيض او الأسمر او أنواعا أخرى من الخبز المصنوع من أنواع الخبوب الأخرى ونظرا للاستهلاك الكبير لهذا الخبز تعددت أساليب انتاجه وبالأخص في سوريا ولبنان إلى وصل المطاف بهذين البلدين الى انتاج افران الية وتصديرها الى كافة البلاد العربية الأخرى والبلاد الغربية ليتم انتاج هذا النوع من الخبز العربي والذي يسمى أيضا بتسميات متعددة اذكر منها الخبز المصنوع من الدقيق الأبيض، يعرف في اوروبا باسم خبز البيتا ، الخبز اللبناني ، واخيراَ مع وجود السوريين في تركيا وباقي الدول الاوربية اصبح يسمى الخبز السوري .
ادم الله علينا وعليكم هذه النعمة المسخرة لنا والحمد الله دائماً وابدا وافضل الصلاة و السلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .